نوى الزيتون تتحول إلى تحف فنيّة بأنامل فنان سوري
الشاهين الاخباري
تمكن الفنان السوري مازن شيبان خلال 14 شهراً من العمل المتواصل من إنجاز لوحة ثلاثية الأبعاد استخدم فيها 94 ألف حبة من نوى الزيتون جسد فيها خمس حضارات مرت على العاصمة دمشق.
كما أنجز أيضا لوحة قصر الثقافة في الكرملين، ولوحة تجسد سور الصين العظيم، ولوحات أخرى استخدم فيها بذور الزيتون ونوى ثمار التمر.
شيبان الذي خسر منزله ومحله خلال سنوات الحرب، قال لـ”سبوتنيك”: “لم يبق لي مكان أعمل به كالسابق واضطررت لتنفيذ أعمالي الفنية على الرصيف وضمن محل متواضع في حي الميدان بدمشق.
ليس العمل الذي يقوم به الفنان السوري بالسهل، فعلى سبيل المثال، تحتاج كل بذرة من بذور الزيتون المستخدمة إلى “جلخ” لخمس مرات متتالية كي تصبح مناسبة لاستخدامها كحجر بناء.
ثمة صعوبات أخرى يعانيها شيبان، ففي ظل نقص النفط في بلاده، بات الطلب كبيرا على بذور الزيتون لاستخدامه في التدفئة المنزلية، الأمر الذي جعل من حصوله على مادته الأولية الأساسية أمرا بالغ الصعوبة.
سنة وشهران لرسم لوحة
وأوضح الفنان الحرفي مازن شيبان في تصريح خاص لـ”سبوتنيك” أنه استوحى فكرة هذه اللوحات من بذور الزيتون التي ترمز للمحبة والسلام الذي تحتاجه سوريا بعد سنوات الحرب الطويلة، لافتاً إلى أنه أراد أن يجسد هذه القيمة بطريقة فنية مختلفة عن فنون الرسم والتشكيل المعروفة.
وأشار شيبان إلى أن التشكيل ببذور الزيتون يحتاج إلى جهد وصبر استثنائي، فكل لوحة تحتاج لأشهر حتى تكتمل، ناهيك عن صعوبة تأمين أعداد ضخمة من النوى.
وأضاف: “أول عمل لي من هذا النوع يجسد لوحة دمشقية تمثل الحضارات الدمشقية والأيوبية والفاطمية والعثمانية والمغربية، وتضم جامعاً وكنيسة أسميتها ’’العيش المشترك’’ وهي تجسد تنوع الثقافات التي مرت على دمشق من خلال هذه الحضارات الخمس.
وكشف شيبان عن أنه استخدم في لوحة العيش المشترك 94 ألف بذرة زيتون، معبرا عن تمنياته بدخولها في موسوعة “غينيس للأرقام القياسية”، حيث استمرت مدة العمل فيها سنة وشهرين بذل خلالها جهداً كبيراً.
15 ألف بذرة للوحة قصر الثقافة بالكرملين
وأشار شيبان إلى أنه “نفذت لوحة فنية على امتداد ثلاثة أشهر تجسد قصر الثقافة في الكرملين استخدمت فيها أكثر من 15 ألف بذرة زيتون”.
وأكمل: “كل بذرة تحتاج إلى جلخ (نحت) لخمس فالبذرة تكون في حالتها العادية لولبية الشكل فنقوم بنحتها خمس مرات لتصبح حتى تأخذ شكل الحجر وهذا يسبب الألم في الأصابع بسبب الاحتكاك، وأيضاً قمت بتنفيذ لوحة أخرى تجسد سور الصين العظيم، والتي كانت من أصعب اللوحات ثلاثية الأبعاد، واستغرقت حوالي أربعة أشهر”.
بذور الزيتون أصبحت صعبة المنال
وحول صعوبة تأمين البذور اللازمة لتشكيل اللوحات، قال شيبان: “في البداية كنت أحصل على البذور من معاصر الزيتون، لكن أصحابها رفضوا تزويدي بهذه البذور كونهم بدأوا بطحنها وتحويلها إلى ’’تفل’’ للتدفئة بسبب أزمة الوقود، التي تعاني منها البلاد، لكن الأهل والأصدقاء والجيران كانوا يجمعون لي بذور الزيتون والتمر من بيوتهم ويقدمونها لي، كي أنجز لوحاتي على رصيف الشارع أمام المارة”.
25 مادة للمحافظة على تماسك اللوحة
وعن المواد والمستلزمات الضرورية لتنفيذ اللوحات، قال شيبان: “تحتاج اللوحة تقريباً إلى نحو 25 مادة أهمها الخشب والكرتون المقوى وألياف القطن (كي لا تتأثر اللوحة بالماء) والزجاج المعشق واللكر والخشب الناعم والغراء مما يساعد على تماسك ومتانة اللوحة لفترة طويلة”.
دخول “غينيس” لكن الكلفة باهظة
ولفت إلى أن “إجراءات الدخول ضمن موسوعة “غينيس” مكلفة جداً، ولم أجد من يتبنى هذا الموضوع الذي أرغب أن اقدمه للعالم باسم سوريا” وتابع: “أتمنى أن أشارك في معارض خارج سوريا أو حتى في المحافظات فمشاركاتي حتى الآن محصورة في دمشق فقط، ولدي الرغبة والإمكانية لإنجاز لوحات جديدة عن أهم المعالم الثقافية والأثرية في روسيا وفي المحافظات السورية كافة وكذلك لتعليم هذه المهنة وتدريب الفنانين الشباب عليها لأنها تسمى ’’مهنة الصبر’’ فهي تحتاج إلى صبر كبير”.
وأعرب شيبان عن تمنياته بأن تدخل لوحته الدمشقية موسوعة “غينيس”: “ليس لعدد البذور الكبير المستخدم فيها، بل لأنها احتاجت عاماً وشهرين حتى وصلت إلى شكلها النهائي”.
واستطرد، قائلاً: “حاليا.. ليس لدي مكان مناسب أعمل به بشكل جيد، وارتفعت أسعار المواد وأصبحت خارج طاقتي ما اضطرني للتوقف عن تنفيذ اللوحات الفنية والعمل في محل للملبوسات لتغطية نفقات أسرتي في ظل الظروف المعيشية التي تشهدها سوريا منذ بداية الحرب”.
وزارة الثقافة احتضنت أعمالي
وحول نشاطاته ومشاركاته الفنية قال الفنان مازن شيبان: “شاركت في معرض دمشق الدولي ومعرض في خان أسعد باشا وكذلك في المراكز الثقافية والجامعة وهنا أتوجه بالشكر لوزارة الثقافة على دعمها لي وعلى احتضان لوحاتي في المركز الثقافي بمنطقة الميدان في دمشق”.